المقالات // ألف باء التعامُل مع الوباء: كيف ندير بالنا عَ حالنا؟

ألف باء التعامُل مع الوباء: كيف ندير بالنا عَ حالنا؟

شعورنا في الوحدة
الشعور بالوحدة والعزلة ليس غريبا علينا كأشخاص نعيش تجارب جنسية وجندرية مختلفة، ولا شك أن الحالة الجديدة التي نعيشها جميعا وضرورة الحجر الصّحي تؤجّج هذه المشاعر، خاصّة أن أغلبنا يعيش مع عائلته أو داخل مساحات لا تسمح لنا بالتّعبير عن ذواتنا وجنسانيّتنا بشكل حرّ وآمن. شعور الوحدة والعزلة عند الكثيرين منّا هو شعور داخليّ عميق تَشَكَّل من خلال تجارب سابقة مؤلمة، ولا شكّ أنّ تجربة الحَجْر قد تعزّز هذا الشّعور وتُضاعف تأثيراته على نفسيتنا. لنكن على وعي حول تأثير تجربة الحجر وما تثيره هذه المشاعر من جديد وتعززهّ، ولربما قد يساعدنا أنْ نرى هذه التجربة كجزء من أزمة عالمية جمعيّة، الأمر الّذي قد يخفّف من شعورنا خلال فترة الوحدة. فلتكن هذه فرصة لتوسيع نظرتنا حول قضايا كبرى، والتواصل مع العالم والقضايا الإنسانية أكثر.

إنّما للحجر حدود
قد يخلق الحجر وما ينشأ عنه من ملل وضغط تصرّفات وسلوكيات غريبة وغير صحيّة لا بدّ أن نكون واعيات/واعين لها، إضافةً إلى المشاعر القديمة والجديدة المتعلقة بالوحدة الّتي يثيرها الحجر الصحي. قد يدفعنا الفراغ والشعور في الوحدة الى التواصل مع أشخاص غير ملائمين، أو الرجوع لعلاقات عاطفية او جنسية مؤذية من ماضينا، ويشكّل بيئة ممتازة للمشاحنات العائليّة والاجتماعيّة. نفهم كيف يمكننا ألّا نرى، أحيانًا، إمكانيات اخرى في ظل علاقات عائلية بنيت على مدار سنين كاملة على أساسات غير صحية، أو كيف يزجّنا تواصلنا المحدود مع المجتمع وإمكانيات التواصل العاطفي والجنسي المحدودة في علاقات وديناميكيّات غير صحية. ولكن من المهم ان ندرك انّ المشاعر والسلوكيات المألوفة ليست بالضرورة مفيدة لنا، وأنّ الوحدة، في أحيان كثيرة، قد تكون أفضل من التواصل مع أشخاص استغلونا في الماضي او يثيرون لدينا مشاعر سلبيّة من عدم الثقة او الشعور بالاستغلال.

قوة في تجاربنا
كأشخاص نعيش تجارب جنسية وجندرية مختلفة، لدينا تجربة في مقاومة أنواع مختلفة من العنف والأزمات، قد تتفاوت هذه التجارب وتأثيرها علينا بين شخص وآخر. ونعي ان الكثير منا لا يزالون يمرّون في هذه التجارب خصوصا في الحجر الصحي والتزامنا في بيوتنا. ولكن لنحاول النظر إلى هذه التجارب كمصدر قوّة ومعرفة والتي من الممكن أن تساعدنا على تخطي هذه الفترة. فلنركّز على الفرص التي قد تساعدنا في هذه الأزمة مثل: الاستمرار في العمل أو الدراسة من البيت، أو ممارسة أنشطة وفعاليات مفيدة كالقراءة، والرياضة، والتفكير ببرنامج يراعي حاجاتنا وصحّتنا النفسيّة.

التعامل مع مشاعر الهلع
تنتشر هذه الفترة الأخبار والأقاويل عن الوضع كانتشار الوباء نفسه من خلال اخبار مغلوطة او الكثير من القيل والقال بين الاصدقاء وصفحات التواصل الاجتماعي. فلنتابع مصادر موثوقة عن الأزمة، ونتأكّد ممّا يوردنا، خاصّة الأخبار التي قد تثير قلقنا وهلعنا. هذا الشعور يتعزّز في الحجر والإحساس بالعزلة، لذا لا تتردّدوا في التواصل مع خطّ  الإصغاء والمعلومات للمشاركة والفضفضة في حال أثارت قراءة الأخبار بشكل عام حالة من الهلع او الخوف المستمر. بكلّ الأحوال لنجعل الوقاية على رأس أولويّاتنا ونتعامل بمسؤوليّة ونلتزم بالتعليمات الوقائيّة.

التواصل يكسر العزلة
لا شك أن الجميع يحتاج في أوقات الأزمات لأصدقاء للتواصل والدعم المتبادل، ولكن نعي الصعوبات التي قد تواجه أشخاص تعيش تجارب جنسية وجندرية مختلفة، وخصوصا لهؤلاء المنقطعين عن عائلاتهم و/او يواجهون صعوبات في هذا المجال. بالرغم من هذا نشجّع على ان نتواصل مع بعضنا البعض، ونبحث عن متنفس من الحجر على الرغم من كل الصعوبات التي نواجهها. تقع المسؤولية الكبرى على النشطاء من القوس ونشطاء من دوائر اخرى لتعزيز التواصل مع أصدقاء ومعارف قد يكونون في حاجة للتواصل والاصغاء، وخصوصا ان العنف المجتمعي وقتل النساء ما زال مستمرًا، ولا شك ان هذا يضاعف العزلة والخوف. لدينا وسائل الكترونية عديدة تتيح التواصل مع الأصدقاء بشكل مستمر، فلا تستغنوا عن هذا الجانب المهم. الحجر الصحي لا يعني العزل الاجتماعي.

فرصة للتضامن الاجتماعي
لا شك أن فرص التضامن الاجتماعي قليلة لدى أشخاص بنعيش تجارب جنسية وجندرية مختلفة المحاطين أصلا في عدد قليل من الأصدقاء و/او منشغلين عاطفيا في تجاربنا المؤلمة مع العنف المجتمعي. ولكن الحالة التي نعيشها تؤثر على الكثير من فئات مجتمعنا باشكال مختلفة ومتشابهة وهناك فرصة ثمينة في هذه الفترة للتعلم عن واقع فئات اخرى وربطها مع تجاربنا ومصيرنا. لنتابع اخبار ومقالات عن تأثير الحجر على واقع النساء ونتضامن ضد قتل النساء الذي ما زال متفشي حتى في هذه الفترة ، لنتعلم عن وضع الأسرى والعمال الفلسطينيين في ظل ازمة الكورونا، لنفكر في الأجساد التي لا تستطيع مقاومة فيروس كورونا من كبار السن، واشخاص مع متلازمة ال HIV و أشخاص مع أمراض وإعاقات مختلفة، واخرين يعيشون اوضاع فقر. ربط تجاربنا وواقعنا مع نضال فئات مختلفة هو هدف سامٍ قد يساعد بشكل إيجابي للتخفيف من العزلة، وعلى أمل أن يكون بمقدورنا بعد هذه التجربة أن ننقل نضالنا جميعا إلى مرحلة جديدة.

photo