المقالات // المخيّم الأكاديمي // اقتصاد الشهوات في الرأسمالية المتأخرة: قراءة في السّياق الأمريكيّ والفلسطينيّ (جزء 1)

اقتصاد الشهوات في الرأسمالية المتأخرة: قراءة في السّياق الأمريكيّ والفلسطينيّ (جزء 1)

[هذه المادّة جزء من ملفّ خاص ينشره القوس بالتّعاون مع موقع جدليّة. للاطلاع على جميع مواد الملف اضغطواهنا]

"وانت؟ بتركضي بتركضي بتركضي وغير اللقمة اللي نزلتيها بتمّك ما في، كلشي عندِك بالأجرة، بيتك بالأجرة، وشغلك بالأجرة، ولسا بتقوليلي مستورة، لأ مانها مستورة أنا حاسة حالي عايشة بالزلط، منيح هيك؟!"

من احد مشاهد المسلسل السوري "قلم حمرة" |٢٠١٤

قد تمضي هذه الكلمات أمامنا دون أن نتساءل كثيرا ما لانعدام السترة أو"الزلط" والعيش بالإيجار، الا أن نصّ كاتبة السيناريو يمّ مشهدي يلقي القبض على "المفهوم ضمنا" بمنتهى الإخلاص الفكري، ويروي على ألسنة نسائية حاقدة طبقيا عن معنى الأمان الاقتصادي وعلاقته بالجسد المهدًّد. هذا الربط في الخاطرة النسائية بين السترة والاستقلال المادّي هو ربط معاش لا يسعفه الشرح أو التنظير، لكنه نافذة صغيرة تطلّ على التنظيم الاقتصادي لأجسادنا وجنسانيتها، ولفهمنا لها. وهو ما يدفعنا للتساؤل: هل لواقعنا المادّي ولانتماءاتنا الطبقية هذا الكم من قوة الصقل الجسدي والجنساني؟ أيلتقي الجسدي بالاقتصادي؟ أهما منفصلان كي يلتقيا؟ والأهم ما لنا ولهذه الأسئلة كلّها؟

إنّ فهمنا لمحرّكات أجسادنا ليس بأمر بديهيّ، وإن كان كذلك فعلينا بإعادته لموضع الشّك والمقارعة الفكريّة. وفي محاورة مفاهيم الجنس والجنسانية بالذهنية البشرية يتحتم علينا الحفر في الذات الاجتماعية الإيروسية دون اختزالها طاقةً كونية غرائزيّة متّسقة مع الطبيعة، بل باعتبارها بنية متشكلةداخلالتاريخ مصاغة عبر قوى دفع، ودفع مضادّ، تتفاعل في المجتمع.

لأي مدى إذاً يمكن للنظام الاقتصادي أن يشكّل وعينا؟ هل فعلا يملك القدرة باجتياح جنسانيّتنا؟ أو أنه كما ادّعى فرويد، ما رغباتنا سوى طاقات لا-منطقية متّقدة في اللاوعي خارج تعرّجات التاريخ[1]؟ هل يعقل أن يكون هذا القدر من تقرير مصير أجسادنا خارجنا؟ أو أن تكون الإجابة على ذلك خارج إدراكنا؟ تصبح هذه الأسئلة ملحّة أكثر فأكثر عندما نحللّ أنفسنا وواقعنا عبر عيون مُهيمِنة متزعمّين، بل متيقّنين، أنها عيوننا نحن، نحن المقموعين والمنتهكات، المتمرّدين والمقاومات، نسير صوب هوّة هذا الكمين وننكرها فور السقوط؟

بسياقنا الاستعماري، تعاني عيون أصحاب الخطابالتقدّميفيما يخص الجنسانيّة من قصر نظر ذي تجليّات عدة;

يُسَخّر الخطاب الأكثر انتشارا التحليل الجنساني لخدمة "القضيّة الوطنيّة" دون المساس بالأبويّة والذكوريّة المتأصلة داخل المؤسسات الوطنيّة عقائديّأ وبنيويّا، فيختزل كلمة "جنسانية" ب"امرأة" (مغايرة ضمنيّا) ويحوم حولها وحول دورها كشريكة في العمل الوطني انسجاما وتعريفها أما صالحة وأختا فاضلة، فهي متألّقة أكثر هكذا. يرتبك ذات الخطاب في حرج ذكوريّ مفرط حيال الجنسانية بمعناها الشامل، إذ يصعب على الرّجل المستعمَر تشريح الرجولة وتعريتها من الفحولة المناوئة للاستعمار، ما بالِك إذا كانت ذات ميول مثليّة أو راغبة في التحوّل. وليحفظ ماء وجهه يفضّل التحدّث عن "قضيّة المرأة" متمنّنا عليها بتقدميّته، لا لشيء سوى لطمر ذاته الهَلِعة، فردية كانت أم جمعيّة، طمرها بعيدا عن ساحة الاستئثار والبطولة الوطنيّة من جهة، وعن مكانته المتفوّقة اجتماعيا من جهة أخرى. لذلك عندما يدعو هذا الخطاب نساء الطبقات العاملة للانخراط في "سوق العمل" يكون ذلك مشروطا "بطبيعة الحال" بعملها المنزلي غير المأجور، وعندما يحتفي بنساء الهبّات الوطنيّة، وأمّهات وأخوات الأسرى والشهداء، يكون ذلك منوطا بعودتهن اللاحقة إلى نوعهن الاجتماعي ودورهن الإنتاجي، فللقضيّة أحكام وللوطن أولويّات.

يترددّ هذا التحرّر الأجوف للمرأة على ألسن تدّعي "ممانعة قوى الغرب والتحرر الاجتماعي والسياسي" لكنه بالحقيقة امتداد لصناعات التّمكين وحقوق الإنسان المتدفقة من صميم الاقتصاد النيوليبيراليّ. أما إذا خدش الحياء، يظهر خطّ  فكريّ آخر نجده بالغالب في الأكاديميات والأبحاث، يقرّ بتعريف أوسع للجنسانيّة غالبا ما يحظى به الرّجل المثلي على اهتمام أكبر من المرأة المثلية، ويقوم على تحليل الانتظام الجنساني كمادّة ذات خصوصيّة ثقافيّة تتشكل إزاء المركزيّة الأوروبيّة والمشاريع الاستعماريّة، وتكاد تنتفي دونها. وفي وصف الصراع الثقافي مع الغرب صراعامُعرِّفالجنسانية المستعمَر، لا ينتج الفكر معانٍ ومفاهيم مستقلّة بل يمضي في منزلقات التجوهر مكرّسا ما ينتقده.

قد يختلف توجه الخطابين ويصل في بعض الأحيان حدّ التضادّ، ورغم أن الأول ذو طابع تعبوي والثاني بحثيّ إلا أن كلاهما يلتقيان في نقاط تماس عديدة الأهم منها هنا هو: التغييب الصارخ للعوامل الاقتصادية والتحليلات الطبقية للجنسانية تحت الاستعمار، تغييب يعود بالفائدة على السّلطة الاستعمارية ووكلائها.

تشكيكا في المعرفة المقتصرة على دراسة الخطابات ونقدها نتساءل; هل تختلف جنسانيتنا كأجساد مُستعمرة عن غيرها في تأثرها بالعوامل الاقتصادية من حيث كونها "كولونيالية"؟ إلى أي حد؟ وبسياقنا المحلّي، أتكون للجنسانية الفلسطينية خصوصيّة بظل الرأسمالية المتأخرة؟

تستهلّ هذه المقالة بما قد يبدو انحرافا عن عنوانها، وتأخذ بالقارئة إلى أولى المجتمعات البشرية قبل الميلاد، لتعود بها، من خلال ذات العدسة النقديّة، مباشرة إلى حقبة الرأسمالية حيث ستُعالج الهويات الجنسية والتحركات الكويريّة انطلاقا من السياق الأمريكي وانتهاء بالنموذج الكولونياليّ في فلسطين.

في كلا السياقين ستتمعّن المقالة في تشكلات العائلة والعشيرة كمتغيّرات أساسية في الانتظام الجنساني الجمعي، ومن خلال النموذجين الأمريكي والفلسطيني ستنظر في الفروقات وأوجه الشبه بين الجسد الجنوبي من جهة والشمالي من جهة أخرى. وربّما ما تتمناه روح المقالة هو استفزاز نقد نسويّ لا يهاب الاقتصاد السياسيّ والماديّة التّاريخيّة بل يخوضهما مساحة للتحدّي وأرضية للتّصعيد.


في البدء كان المجتمع أموميّ..

أيقظ البحث الأركيولوجيّ من باخوفين وحتى السّواح الشك حول الفرضية السائدة إن المجتمع لطالما كان ذكوريا أبويا، وأخذت صورة الرّجل المقاتل كالقائد الأول للتجمّع البشري تندثر شيئا فشيئا. فإذا انطلقنا من أولى المدن في سومر والتزمنا امتداد الثورة النيوليتيّة خطّ ا تاريخيا، منتقلات إلى المجتمع الزراعي الممتد من حلب حتى سيناء، سنتيقّن عبر ما خلّفته المنمنمات، والأساطير، والمعابد أنه في البدء كان المجتمع أمومياً.[2]مع تراكم الأبحاث وازدحام الدلائل تهاوت أسطورة الأبوية الأبديّة وظهرت المرأة رمزا للقوة الإخصائية الكونية في الضمير الجماعي للإنسان القديم (وليس بتصوّرها الذكوريّ الحديث)، إذ كانت إلها في الأساطير وسيّدة على الأرض. يعود ذلك لمركزيّة دور الأم في التنظيم الاجتماعي المشاعي حيث لا أحد ملك لأحد ولا من قيد على الممارسات الجنسية بين الرجال والنساء وبين بعضهما البعض، الأمر الذي جعل النساء المحددات الوحيدات للنسب، ووثّق التكوين الأموميّ للمجتمع المتمحور حول "حق الأم".[3]بناء على هذا الحق كانت تنتسب الأجيال الجديدة لمن ولدتهن وترث عنها، أما الأب فلم يلد ولم يورِث، وضعيّة قد يتعذر على مخيّلتنا المعاصرة تصوّره فيها. وبذلك هيمنت السياديّة النسائيّة على عدة قطاعات في اقتصاد المشاعات القديمة،; فكنّ صانعات الفخار، وكنّ الناسجات للجلود، ورحن يبحثن عن الأعشاب الصالحة للأكل ومن ثم للشفاء فصرن الطبيبات، ووسط هذا كلّه مضى "الجنس الناعم" في تبوء عرش الجماعة، وكنّ قوّامات على الرّجال.

لن نسهب كثيرا في هذه النوستالجيا الأموميّة، لكن لا بدّ من الإشارة إلى استمرارية آثارها في المجتمعات الأبوية المتأخرة. ومن ذلك يستحضر السوّاح في "لغز عشتار" عقود زواج مصريّة قديمة والتي سردت على لسان الرّجل "منذ اليوم أقر لك بجميع الحقوق الزوجية، ومنذ اليوم لن أتفوه بكلمة تعارض هذه الحقوق، لن أقول أمام الناس بأنك زوجة لي، بل سأقول اني زوج لك منذ اليوم لن أعارض لك رأيا وتكونين حرة في غدوك ورواحك دون ممانعة مني، كل ممتلكاتك وبيتك لك وحدك وكل ما يأتيني أضعه بين يديك".[4]ليس المثال هذا (فقط) بفشّ غليل جندريّ مننا، بل جاء ليبين تأثير نمط الإنتاج وتقسيم العمل على ماهيّة الأنواع الاجتماعيّة ومدى سلطاتها.

كما نعلم جيّدا، لم تستمر الحياة الاجتماعية الأمومية إلى الأبد، وبعدما تفتّتت الملكية الجماعية للأراضي مع تزايد الثروات واستقرار نمط الإنتاج الزراعي، أخذ التمرحل الجديد على أعتاب التاريخ المكتوب يزج الاقتصاد الجماعي إلى اقتصاد فردي ذكوري يمضي نحو الملكية الخاصّة، لتتمخض عنه نظم أسرية جنسانية جديدة، وتنشأ بأعقابه تقسيمات عمل استندت عليها المجتمعات منذ ذلك الحين فصاعدا. شيئا فشيئا، ولأسف نساء العصور التالية، ظهرت العائلة الأحادية المغايرة، كمؤسسة ضبطيّة، وتم إحكام سيادة الرجل عبر أبوة ثابتة لا جدال فيها من أجل تمليك وتوريث أبناء المجتمع الجديد: المجتمع الأبويّ.[5]


بالمال ولا بالعيال:النظام الرأسمالي والبنية الأسريّة

تعرّف سيلفيا فيدريتشي الرأسمالية كالنظام الاستغلالي الأول الذي "يرى في العمل، بدلا من الأرض، الشكلالأساسيللثروة"[6]، هذا الانتقال هو بالضّبط ما أدى الى مأسسة السلطة على الجسد النسائي (بشكل خاص) وطوّع عمالته غير المأجورة، ونظّم إنجابه للأيدي العاملة القادمة، وهو أيضا الذي استمرّ بالمحافظة على محاصرته في الأسر المغايرة الأحاديّة.

يتوجّب علينا التأكيد أن البنية الأسريّة، بتقسيم العمل المتعلّق بها، ليست فقط متغيّراً أساسيّاً في تعقّب التشكّلات الجنسانيّة للمجتمع، بل في هندسته الاقتصاديّة-إنتاجية. بالتالي الاعتقاد السائد الذي يرى بالحيّز الخاص عالما عاطفيّا منفصلا عن الحيّز العام، نعود إليه بعد نشاطاتنا السياسيّة وبعد مساعينا في التغيير والانعتاق الاقتصاديين، هو وهم تنعم به السّلطة فيتردّد عبر ممارسات المتسلّطين لتعاني منه النساء العاملات تحت ثقل المنظومة الصامت داخل الأسر (بفتح الألف وتسكين السين أو ضمّ الألف وفتح السين) وخارجها.

ستحاول الأسطر التالية تمحيص النظر في العوامل المركزيّة التي تؤثّر على مفاهيم الجنس والجنسانية في ظل النظام الرأسمالي، بالسياق الأمريكي تحديدا، وذلك باعتباره بوقا للعولمة التي اكتسحت الجنوب، ولعبت دورا عابرا للحدود داخل الجدليّة بين الذهنيّة والممارسة الإيروسيّة.

لا يسلم الجسد من نهش الرأسمالية، خصوصا إذا وقع خارج معقل الرجولة المغايرة البرجوازيّة. يتّسم هذا النّهش، منذ القرن السابع عشر، بتحوّلاته في مرحلة الرأسمالية الحديثة إذ يتقلّب داخل حقبها الفرعيّة. حتى القرن التاسع عشر، ظلّ النظام الرّأسمالي في أمريكا مرتبطا ارتباطا عضويّا بالأسر المغايرة البيضاء، أينما تكدّست الملكيّات الخاصّة وادّخر رأس المال بتوزيعه الطبقي غير المتكافئ. حتى ذلك الحين كانت العائلات وحدات اقتصاديّة تتمتّع بنوع من الاكتفاء التكافلي من خلال قوّة إنتاج داخليّة، بمعنى أنها كانت تسدّ حاجاتها عبر قوّتها الإنتاجيّة، فتوكّلت صناعة المنتوجات المنزلية كالصوابين والشموع، واقتاتت على محاصيل الزراعية التي عالجتها بنفسها، وبذلك استهلكت ما أنتجت. وبينما قبعت النّساء في الحيّز الخاص وراكمت العمالة غير المأجورة، تحرّك الرّجال بتحكّم كامل في الموارد في الحيّز العام.[7]

داخل اقتصاد العائلة النووية الأمريكيّ يعود اسم "العائلة" على مسماه; وحدة اجتماعية مبنيّة بشكل كليّ على اقتصاد الإعالة، وملاذ ينتظم داخله كل من يستطيع ذلك،[8]ليحتمي بمأمن مادّي[9]وأخلاقي داخل المجتمع الرأسمالي، ذلك بغض النظر عن ميوله أو عن الرغبة في التمأسس. أمّا الأجساد التي جنحت عن إملاءات مؤسسة العائلة والزواج فلا نبالغ إذا قلنا أنها هدّدت نمط الإنتاج الرأسمالي واقتصاد العائلة تهديدا مباشرا، فكيف للطبقات الحاكمة أن تراكم رأس مالها وملكيّتها الخاصّة بدون حماية مفهوم ودور العائلة في الذهنيّة الجمعيّة؟ تبعا لذلك، أن تمارسي ممارسات مثليّة علنا، وأن تخرجي عن تعليمات المرأة الصالحة يعني أن تزعزعي أسس المنظومة الرأسمالية المادّية، وهذا سيفضي بكِ وبأمثالك إلى حالة جمعيّة من الاستثناء. باستعارة من جورجيو أغامبن، ترتبط حالة الاستثناء هذه بال"هومو ساكر"،[10]وهو"المخلوق غير المستحق للحياة" بحسب القانون الرومانيّ القديم. يفترض منطق هذا القانون القديم أنه في انحراف الهومو ساكر عن السلطة يكمن تبرير قتله، فالتخلّص منه يكون بمثابة فعل مشروع مقونن وممأسس. وبالفعل، في سياقنا تم تجريم جنسانيّة "الهومو ساكر المنحرف" للحفاظ على الهيمنة المغايرة وعلى دورها في مراكمة رأس المال. وبعد أن جرّم القانون الجنائي الرّوسي الرّجولة المثليّة عام ١٨٣٢، قامت ألمانيا بذات الخطوة عام ١٨٨٧، وكانت قد وضعت الولايات المتّحدة قوانين عدّة عبر ولاياتها منذ منتصف القرن السابع عشر فصاعدا.[11]

ولعلّ اختيار الخطاب البصري أدناه لتسويق القهوة (نعم القهوة) في خمسينيّات القرن الماضي في السوق الأمريكيّ يبرز تكلفة التمرّد على سلطة "ربّ المنزل" بمجرّد شراء القهوة غير المناسبة، ويرسم صورة مجازيّة يتقمّص بها النّظام الرأسمالي دور الرّجل الذي يعنّف المرأة المتمثّلة بأجساد الاستثناء حين تنحرف عن متطلّبات الرأسماليّة من مجتمعها. لا حاجة لدخول عالم الاستعارات والتشابيه لوضع هذه المقاربة، فهذه الصورة ليس بمجرّد صنع المخيال الذكوريّ المازوشيّ أو خطاب تسويقي بائس لمقولة "ضرب الحبيب زبيب"، بل هي تماما ما قوننه النظام الرأسمالي. حتى بداية القرن العشرين سمحت قوانين أمريكا الاستعمارية ضرب الزوج لزوجته، طالما لم يخلّ ذلك في أيام الأحد وساعات معيّنة من المساء. وبحسب القانون الإنجليزي حتى ١٩٣٧ سُمح للأزواج بحجز زوجاتهم في حال رغبن هجرهم.[12]يمكننا إذا القول، دون ارتباك وتلعثم، إن للرّجولة المغايرة دوراً محورياً في النظام الرّأسمالي يتماسك عبره نمط الإنتاج وتتوطّ د من خلاله السّلطة الأبويّة.

إعلان تسويقي للقهوة لشركة Chase and Sanborn Coffee في أمريكا عام ١٩٥٢. "إذا علم زوجك أنك لا تختبرين القهوة في الأسواق لشراء القهوة الطازجة...".


الرأسمالية الورديّة:سياسات من الاحتواء وأقطاب من الفيتيش

فجرّت الثّورة الصّناعية حدود النواة الإنتاجيّة في العالم الشمالي وبدأت الرأسمالية تخلق واقعا حديثا ضاربة فيه جذوراً عقائدية جديدة لتضمن اجتياحات اقتصادية وتوسّعية جغرافية لم تحقّقهما من قبل. إثر تسارع إيقاع الإنتاج الرأسمالي في الشمال الصناعي تفاقمت صناعات واستثمارات تجارة المنتوجات، وشاعت أسواق العمل المأجور، ولم تمض هذه التغييرات الاقتصاديّة بريئة من التحوّلات الأيديولوجيّة المجتمعية. وبسياقنا، مفصلت الحاجة الملحة لزيادة كل من العمل المأجور والاستهلاك حقبة جديدة، نشهدها اليوم تعيد صياغة مفاهيم الجنس والجنسانية في الذهنية المعولمة.

بما سنسميه ب"الرّأسمالية الورديّة" يستلزم الإفراط في الإنتاج الصناعي تصاعدا مستمرا للاستهلاك الجماهيريّ، وعبر آليّات التّسويق يبزغ أمامنا اقتصاد استهلاكي يتحرّك بدافع الشّهوات والرّغبات وليس الحاجات الأساسيّة، فنحن اليوم نعلم جيّدا أننا لا نشتري السلع بدافع الحاجة الموضوعيّة وإنّما الرّغبة التي قد تبلغ حدّ تحقيق الذات. والذات هنا جمعيّة (رغم أنها "مفردنة" نيوليبراليا) غارقة بهاجس الاستهلاك الوجوديّ سعيا وراء متخيّلات السّعادة والاكتفاء. ومع التفاوت الشديد بين ما يتمناه المرء وما قد يدركه وفقا لانتمائه الطبّقي، إلا أن مقولة "أن تملك يعني أن تكون" هيمنت على وعي المجتمع بأسره.

ما لهذا كلّه ولجنسانيّة الجسد؟ للإجابة على هذا السؤال يجدر التمّعن جيّدا في السلعة، بغض النظر عن نوعها أو سعرها، وإعراب موقعها من المنظومة الرأسمالية واقتصاد الشهوات. فما يميّزها هو وقوعها بين قطبين من "الفيتيش"،[13]أي حالتين متخيّليتين، يكون الفيتيش الأول مرتبطا في صيرورة إنتاج السّلعة والثّاني في استهلاكها.

في القطب الأول، تكون عمليّات انتاج السّلع مشروطة بصيرورة روتينيّة من التشييء والتعرية الرغباتية لجسد العاملة والعامل، وذلك ابتغاء استخراج أكبر قدر من فائض القيمة ضمن العمل المأجور، فلا تتجرّد أجساد الطبقة العاملة من الجنسي والجنساني فحسب بل تتشيّأ بالكامل. يحاكي هذا الاغتراب اليومي الجاثم على الأجساد العاملة مصطلح "الاحتياجات الممنوعة" لدى ديبورا كيلش أو ما يمكننا إدراجه بندا ضمنيّا في عقود العمل المأجور، وما لا مفرّ للطبقة العاملة منه.[14]أمّا الفِتيش (المتخيّل) فيكمن في تناسي هذا كلّه لحظة الاستهلاك، وهو ما يشير إليه ماركس سريعا في رأس المال بما يعرّفه ب"فِتيش السلعة" .(Commodity Fetishism)[15]تتكثّف هذه الحالة المتخيّلة في تجريد السلعة من الاستلاب الجسدي المقترن بها لنعيش تجربة استهلاك نقيّة من الهموم العمّاليّة، ولنبلغ نشوة الملكيّة الخاصّة دون أن نستشعر بصمات، أيدي، ووجوه الطبقة المغتربة عن ذاتها. وبكلمات بيير بورديو "بين "شانيل" وعلامتها التجاريّة تقبع منظومة كاملة من علاقات القوى المجتمعية"[16]ولو أنها غير مرئية ومحجوبة عن وعينا المستهلك.

في عودة إلى التناسي، بتعريفه للفتيش يتناسى ماركس التشييء المعاش داخل العمل المنزلي غير المأجور كما أنه خارج الواقع المادي المباشر. بالطبّع، تختلف صورة عاملة المنزل عن عامل المصنع، فهي أفظع بكثير! عدا عن اختلائها في الحيّز الخاص، لا من دوام محددّ ينهي من استغلالها ولا تنال حتى من أجور بخسة تنقلها من حالة استعباد تقليدية إلى استعباد حديثة، هذا إلى جانب اغترابها هي الأخرى تحت وطأة العمل المأجور في الرأسمالية الحديثة، فكيف لهذا كله أن يكون مدعاة للتغافل والتناسي بدلا من الحقد المضاعف في وعينا الطبقيّ؟!

بالمرحلة اللاحقة لعمليّة الإنتاج، داخل محرّكات الاستهلاك الجماهيرية يمكننا تشخيصالقطب الثاني من الفيتيش.

مقابل تصاعد الإنتاج الصناعي أخذت السّلع تنهال عن رفوف الأسواق، وعندما تخبّطت الشركات الخاصّة في كيفيّة نقل الجماهير إلى الإفراط في الاستهلاك، بدافع الرّغبة لا الحاجة، بدأت تفوح رائحة فرويديّة اخترقت الأسواق بمعظم صناعاتها. مستشار الشركات، ادوارد بيرنيز، كان من أول عقول القرن العشرين التي وظّفت النظريات الفرويدية لتحريك شهوانية الجماهير الجنسية نحو مراكمة الأرباح، فكما ألهمه معلمّه وعمّه سيجموند فرويد بذاته، تحكم الإنسان شهوات لا منطقيّة متأججة تحت السطح قمعتها الحضارة في أوروبّا.[17]انطلاقا من هذه القناعة حثّ برنيز الشركات باستفزاز كبت الشهوات المدروس لتحويلها رغبة عنفيّة استهلاكية تتدفّق عبرها الجماهير نحو سد نهم السوق التوسّعي. يتمظهر ذلك جليّا في الخطاب البصري التسويقيّ حيث تُبثّ تعليمات يوميّة في تأجيج جنسانية الجسد المستهلك.

على سبيل المثال، عندما سعت الشركات الأمريكيّة في خمسينيّات القرن الماضي لتسويق السجائر للجمهور النسائي واجهت الحظر الاجتماعي الذي منع النساء من التدخين في الحيّز العام. للتخلّص منه ولتكسب شريحة مستهلكة جديدة، نصح بيرنيز اتباع النظريات الفرويديّة وربط تسويق التدخين النسائي بمركزيّة القضيب وبما عرّفه فرويد مرحلة "الحقد القضيبي" أو"Penis envy"[18]، أي مرحلة إدراك الأنثى لدونيّتها الجندريّة أمام الرّجل الذكوريّ المهووس بفحولة متمركزة بالقضيب. بناء على التشخيص الفرويديّ للحقد القضيبي، تم تسويق الفكرة انه مع فعاليّة التدخين النسائيّة تمارس المرأة حالة من التمرّد وتحقيق المصير، محصّلة بذلك القضيب المجازي (السيجارة) الذي لم تملكه قط. في اللحظة المتخيّلة هذه، اي لحظة شراء واشعال السيجارة وسط القناعة اللامنطقية انه بها يستعاد تحقيق المصير، يكون مربط الفيتيش!

من الأعلى إلى الأسفل:"ننتج سجائر "فيرجينيا" للنساء بشكل خاص لتفوقهن البيولوجيّ على الرّجال"- عنوان الدعاية التسويقية لشركة السجائر فيرجينيا عام ١٩٦٨."آمني بنفسك" - عنوان الدعاية التسويقية لشركة السجائر فيليب موريس عام ١٩٥١.

على نفس المنوال، تم تسويق الكثير من السلع، فارتبطت مثلا السيارات بالشهوة الايروسية (الليبيدو) والأنا العليا (السوبر ايغو) الذكورية، وعمل الخطاب البصري التسويقي على ترسيخ الرجولة المستفحِلة والأنوثة المُغَرَّضة، وبالحالتين تأجّجت شهوانية الأجساد المستهلكة لمراكمة أرباح الشركات الخاصة في أنحاء العالم. وهكذا، بمجرّد النّظر الى السّلعة، من إنتاجها وحتى استهلاكها، تتعرّى أمام النّاظرة أجساد مشيّأة في القطب الأوّل ومؤجّجة في الثّاني تخضع كلّها، بتضادّها، لمنظومة واحدة تسلب العمال إنسانيّا لتراكم فائض القيمة من ناحية وتؤجج المستهلكين جنسيّا لتجني أرباح مبيعاتها من ناحية أخرى.

تناسي الأجساد المغتربة في منظومة العمل غير المأجور والمأجور إلى جانب الاشتهاء المفرط في الاستهلاك ليس بحدث أو حالة عابرة، إنما هو لازمة حسّية يوميّة تتأبّد في الأيديولوجيا الجمعيّة المتشكّلة على يد وفي خدمة الطبقة المسيطرة.[19]


من"الهومو ساكر"إلى"الهومونورماتيف" !

لا تكتفي الرأسمالية في استحكام التسلط الأيدولوجيّ فلها وقعها على الممارسات والهويّات الجمعيّة كذلك. وبعدما صعّد النظام الرأسمالي الإنتاج الصناعي والاستهلاك الجماهيري وتيرة وكمّا، لم تعد الغريزة الجنسية رهينة إنتاجية، ووهنت الدوافع الماديّة للحفاظ على العائلة كبنية مركزية تكترث بها الرأسمالية الحديثة.[20]فسلطة عائلة، كسلطة الدين والدّولة، كينونة متغيّرة، لا تتحرّك الرأسمالية قدما بدافع الحفاظ عليها، فهي غير ملتزمة لها ولأي من أدوات الإنتاج طالما لم تعد في خدمة مصالحها ومساعيها. وكما تنبّه ماركس وانجلز إن النزعة نحو التراكم تعني إعادة صياغة المؤسسات التي خلقتها الرأسمالية بنفسها، وأنه “لا يمكن أن تحافظ البرجوازية على بقائها دون إدخال تغييرات مستمرة على أدوات الإنتاج، وبالتالي على العلاقات الإنتاجية ومعها العلاقات الاجتماعية بأسرها".[21]

قد لا ندرك مدى تأثير أدوات الإنتاج الاجتماعية على ممارستنا إلا عند زوالها. في الوقت الذي لم تعد العائلة المغايرة شرطا وجوديا للطبقة البرجوازية ومأوى لرأس المال، أتيح انتظام الميول المثلية لهويات فردية في الحيّز العام لمدن العالم الشمالي على الأقل. ومثلما بيّن جون ديميليو في "الهوية المثلية والرأسمالية"، سمحت الرأسماليّة الورديّة بالتنظيم الهوياتي المثلي الأمريكيّ، لا بل يمكننا هنا القول انها احتوته ومدّت قوس القزح من سان فرانسيسكو وحتى تل أبيب. بينهما، نتجت حالّة تسمّيها ليسا دغان بال"new homonormativity"، أي المعياريّة المثليّة الجديدة، وهي تقبّل الهويات الانسيابيّة الجنسيّة والحركات الكويريّة على شرط اتّباعهم نهجا ثقافيا غير مسيّس، وسقفا مطلبيّا يمكن الاستفادة من سلعنته وتسويقه. وهكذا، يُنقَل الهومو ساكر الى بوتقة جديدة من الهومونورماتيف. وبخلاف مع ديميليو، لا نساوي بينالهويّةوالميولالمثلية، إذ إن الأخيرة كأي ميول ايروسيّة، ليست بنت مرحلة تاريخيّة أو مجتمع ما، هي جزء دائم في المجتمع البشريّ وذلك بغضّ النّظر عن مدى إقصائها خارج الحيّز العام أو حتّى عن إمكانية ممارستها، بالمقابل يتوّلد الانتظام الهويّاتي كتعبير اجتماعيّ عند لحظات اللقاء ما بين علاقات القوى الجمعية والشروط الماديّة المتغيّرة عبر التاريخ.

ليس المراد هنا التقليل من إنجازات الحركات الكويريّة الراديكاليّة وإلغاء تأثيرها، ولا يجوز تناسي رهاب المثليّة الملازم للعالم الشمالي المعاصر، لكن رصد سياسات وصناعات الاحتواء الرأسماليّة وفهم محرّكاتها هو ما لا غنى عنه في العمل التحرّري أينما كان.

وما يسترعي الانتباه، هو استمرار جدليّة التناقض ما بين الرأسمالية الحديثة والأسرة بهيئتها الجديدة. من جهة، تفكّك الرأسمالية الدعائم المادية للأسرة متيحة مساحات جديدة خارجها، ومن جهة أخرى تحفظ مكانتها من حيث هي مضخّة الجيل العامل القادم. لكن بالنهاية، مازالت مخلّفات الأسرة الأيدولوجيّة مرسّخة عميقا في العقلية المجتمعية، ومنذ تأسيس الأبوّة الاستعماريّة على يد "الآباء المؤسسين" (The founding fathers) وحتّى اليوم، ظلّت للعائلة مكانة رمزيّة ذات أهمية بالغة. دلالة على ذلك عندما سئل المرشّح الأمريكي للانتخابات الرئاسية جون ميكين عمّا إذا كان باراك أوباما عربيّا أجاب ميكين بنبرة المتنافس المتعالي على المنافسة "كلا، أوباما ليس بعربيّ، هو رجل عائلة جيّد".

المرشّح للرئاسة الأمريكية جون ميكين في إحدى ندوات حملته الانتخابية ١١ تشرين أول ٢٠٠٨

(النص أعلاه هو الجزء الأول فقط من المقال. لمتابعة قراءة الجزء الثاني، اضغطواهنا)


هوامش

[1]بحسب فرويد إن "كافة الطاقة التي ينطوي عليها الجهاز النفسي إنما تصدر عن الغرائز والدوافع التي فطر عليها الإنسان". فرويد، سيغموند، ما فوق مبدأ اللذة، ترجمة: اسحق رمزي، دار المعارف، مصر. ص29

[2]انجلز فردريك(2011) ،أصل العائلة والملكيّة الخاصّة والدّولة، ترجمة أديب يوسف شيش، دار التكوين، دمشق. ص١٧.

[3]لغز عشتار:الألوهة المؤنّثة وأصل الدّين والأسطورة،دار علاء الدّين، دمشق. ص٣٥

[4]السواح،فراس ،لغز عشتار:الألوهة المؤنّثة وأصل الدّين والأسطورة، دار علاء الدّين، دمشق. ص٣٨ و٣٩

[5]في كتابهما الأيديولوجيا الألمانية يؤكّد ماركس وانجلز انّ الانتقال من الاقتصاد الجماعي للفردي و"انفصال المجتمع الى أسر مفردة متخالفة، يتضمن بصورة متزامنة توزيع العمل ومنتجاته… وبالتالي توزيعا غير متكافئ للملكية" . انظري: انظر ماركس، كارل، وانجلز فريدريك (2016)،الأيديولوجية الألمانية، ط1، دار الفارابي، بيروت. ص52

[6]Federici, Silvia. 2014. Caliban And The Witch. 1st ed. New York: Autonomedia, p.63-64.

[7]John D'Emilio, Capitalism and Gay Identity, from Powers of Desire: The Politics of Sexuality, edited by Ann Snitow, Christine Stansell, & Sharan Thompson. 1983. New Feminist Library Series. New York: Monthly Review Press. p104.

[8]دليبانو، باتريسيا (2012)،العبودية في العصر الحديث،ترجمة: أماني حبشي، ط1، دار كلمة، أبو ظبي. ص89

[9]انظري هامش ٨، جون ديميليو، ص١٠٣.

[10] Agamben, Giorgio. 1998. Sovereign Power And Bare Life. 1st ed. Stanford, Calif.: Stanford University Press.

[11]Hennessy, Rosemary. 2000. Profit And Pleasure. 1st ed. New York: Routledge,p38.

[12]"Theorizing Women's Oppression - Part 1 | International Socialist Review". 2017. Isreview.Org. http://isreview.org/issue/88/theorizing-womens-oppression-part-1.

[13]لا نقصد هنا بالفيتيش بالتعريف الفرويدي المتعلّق بعقدة الابن حول اختلاف جنسانية أمّه الجسديّة مقارنة بجسده. للمزيد انظري: Freud, Sigmund, and Philip Rieff. 1997.Sexuality And The Psychology Of Love. 4th ed. New York: Touchstone.p150-155

[14]Hennessy, Rosemary. 2000. Profit and Pleasure. 1st ed. New York: Routledge, p228.

[15]Marx, K. (1915). Capital, Vol I. Chicago, IL: Charles H. Kerr. p81.

[16]Bourdieu, P. (1993).Sociology in question.London: Sage. P. 138.

[17]Freud S. (1985),Civilization and its discontents. Penguin Freud Library, Vol 12.

[18]Sigmund Freud,On the Sexual Theories of Children, 1908.

[19]باستلهام عن ألتوسير يدّعي مهدي عامل أن الممارسة الأيدولوجية المجتمعية هي بالضرورة ممارسة الفكر المهيمن والمتسق مع مصالح الطبقات البرجوازية. يحمل هذا الادعاء إشكاليات عدة لا نريد إلا التحفظ من أهمها وهي أننا لا نقصد بذلك غياب الوعي النسوي والطبقي عن الجماعات المقموعة (بسبب هيمنة أيدولوجيا السلطة) بل نقصد أن لصهر السلطة الأيدولوجيّ وقعاً يومياً على تاريخ الممارسة البشرية لا يمكننا إلغاؤه وغض النظر عنه. عامل،مهدي(1985)،مقدّمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرّر الوطني، دار الفارابي، بيروت. ص٦٠.

[20]"يرى ماركس أن "استمرار الحفاظ على الطبقة العاملة وإعادة إنتاجها يظل شرطا ضروريا لإعادة إنتاج رأس المال ولكن بوسع الرأسمالي ان يوكل هذه المهمة، باطمئنان، إلى العمال انفسهم متكلا على غريزتي حفظ الذات والتكاثر. انظر: ماركس، كارل، وانجلز فريدريك (2016)، الأيديولوجية الألمانية، ط1، دار الفارابي، بيروت. ص38 وما بعدها

[21] ماركس، كارل، وانجلز، فريدريك (1975)، البيان الشيوعي، ترجمة: العفيف الأخضر، ط1، دار ابن خلدون، بيروت. ص56

photo