المقالات // كتبوا عنّا // المثليين والشارع والهبّة: حوار للقوس على جريدة المدينة

المثليين والشارع والهبّة: حوار للقوس على جريدة المدينة

المثليين والشارع والهبّة:
حوار مع المتحدّث الإعلامي للقوس عمر الخطيب حول مظاهرة صرخة كويريّة للحريّة

(نُشر سابقاً في جريدة المدينة بتاريخ 3.9.2021)


تربطون مظاهرة صرخة كويريّة للحريّة في الهبّة الأخيرة، ما علاقة مظاهرة لأشخاص ترانس ومثليين في الهبّة؟

قد يكون السؤال الأساسي قبل هذا هو ما علاقة قضايا المثليّة الجنسيّة والهويّة الجندريّة مع تحرير فلسطين أصلًا، والإجابة ببساطة هي أنّها قضايا عدالة وتحرُّر من أي قمع أو ظلم نعيشه كبشر، فنحن نقاوم كلّ عنف نعيشه ويؤثّر على حياتنا، وفي الواقع الاستعماري لا يكون الحدّ واضحًا بين عنف الاستعمار أو عنف المجتمع وذكوريّته، ومن هنا صرخة كويريّة للحريّة وكل عمل القوس ضدّ أشكال القمع المختلفة.

نحن كأشخاص مثليين وترانس فلسطينيين نعيش على هذه الأرض وفي هذا السياق، وبالتالي للسياق الاستعماري العنيف أثر على جنسانيّتنا وتجاربنا الجنسية والجندرية. عشنا الهبّة كباقي شعبنا الفلسطيني، ونستكمل من روحها وطاقاتها مظاهرتنا من ثلاث منطلقات؛ أولًا الإسناد والتكافل الذي عشناه في الهبّة بين شرائح وأطياف مختلفة من المجتمع، والذي نريد ونطالب أن يكون أيضًا حول قضايا التعددية الجنسية والجندري. ثانيًا، ما أبرزته الهبّة من إشكاليات وأسئلة حول علاقتنا مع الشارع والحيز العام وفئات مختلفة من مجتمعنا، وهي علاقة سمتها الأساسيّة -للأسف- العنف والإقصاء. وثالثًا، هي محاولة من القوس لإعادة الحركة والروح إلى الشارع بعد التعب والإحباط الذي عشناه آخر شهر.

لكن قد يقول قائل أن الاحتلال هو الذي يحمي المثليين أصلًا، ما رأيكم؟

هذه المقولة كسراب الصحراء، كلّما اقتربنا منها أكثر توضّح لنا أنها مجرد وهم. عنف الاستعمار يطال كلّ فلسطينيّة وفلسطيني دون تفريق على أساس ميولنا الجنسيّة أو هويّتنا الجندريّة، فالاستعمار لا يسألنا قبل قصفنا أو اعتقالنا أو هدم منازلنا إن كنّا ترانس أو مثليين.

حماية الاستعمار لنا كمثليين وترانس ليست الكذبة الوحيدة التي يروّج لها، وتشبه أساطير استعماريّة عدّة مثل "الديمقراطيّة الوحيدة في الشرق الأوسط" أو حماية النساء الفلسطينيّات أو غيره. كذبة الحماية هذه لهدفين؛ الأوّل تحسين صورة الاستعمار، والثاني تفتيتنا كمجتمع وفصلنا كأشخاص نعيش تجارب جنسيّة وجندريّة مختلفة عن مجتمعنا وتغريبنا عنه، وهذا ما نسمّيه في القوس سياسات الغسيل الوردي.

وفي كلّ الأحوال، أسطورة الحماية هذه ليست فقط كاذبة وواهمة، بل تأتي في سياق أوسع من العنف والقمع والمحي. لا يمكن لكيان أو دولة تطهّر شعب بأكمله وتقصفه وتحاصره وتنكّل به أن تحمي أحد.

هذا العام الثالث على التوالي الذي تنظّمون فيه مظاهرة في حيفا، لماذا لا يتمّ تنظيمها في رام الله أو الضفّة؟

الحديث عن هذا الموضوع مهمّ، خاصّة كونه سؤال يوجّهه لنا الاستعمار ومؤسساته وأدواته باستمرار لإثبات أن "إسرائيل" تحمينا. أولًا من المهمّ التذكير والتأكيد على أن حيفا مدينة فلسطينيّة مستعمرة، كرام الله والقدس والخليل وغيرها من مدننا. ثانيًا، في حيفا ثقل وقوّة سياسيّة وتنظيميّة ليس فقط للقوس، بل لمختلف الحراكات وأشكال النشاط السياسي وذلك لأسباب بنيويّة وتاريخيّة عدّة لا مجال للخوض فيها هنا. أيّ أن معظم أشكال التنظيم والعمل النسوي والسياسي يأخذ من حيفا مركزًا له في السنوات الأخيرة.

ثالثًا، وعودًة لموضوع الحماية، لا يمكن إنكار اعتبارات الأمن والأمان علينا التي توفّرها حيفا، وقد تكون أصعب في يافا أو القدس أو رام الله مثلًا. إلّا أن اعتبار الأمان والحماية طبيعي وأولويّة لأي حراك أو تنظيم سياسي، وهو موضع تساؤل وتفكير دائم لنا في القوس. على أي حال، لا يجب أن تكون هذه القضيّة مصدر إرباك أو إحراج لنا كمثليين أو كقوس، بل لمجتمعنا الذي يصعّب علينا تنظيم مظاهرات في أماكن مختلفة. رابعًا، عودةً لتنظيم مظاهرة في رام الله أو الضفّة، من المهم أن نبقي في البال البنية الاجتماعيّة والسياسيّة الصعبة والمهترئة التي تضاعف من عنف مجتمعنا تجاهنا، والناتجة لأسباب كبيرة عدّة مثل قتل الاستعمار لأي تطوّر أو حوار مجتمعي لنا، ووجود سلطة حكم ذاتي فاسدة وقامعة.

photo