المقالات // من حنين صادر: مرحلة فارقة نخوضها بفخر وتشوّق

من حنين صادر: مرحلة فارقة نخوضها بفخر وتشوّق

نشرت هذه المادة سابقاً في تقريرنا السنوي لعام 2020، تجدونه هنا.


من حنين صادر

مرحلة فارقة نخوضها بفخر وتشوّق

ليس من السهل على المرء وصف كثافة لحظات معيّنة بالكلمات، لحظات تكثر فيها الأفكار وتشتد فيها المشاعر؛ لحظات التغييرات الكبيرة. أشارك هذه الكلمات في لحظة من التحوّلات الفارقة مجتمعيًا وتنظيميًا في القوس، بل ولحظة تحوّل كبيرة في حياتي أيَضًا. بعد دراسة هندسة الحواسيب والعمل لعشر سنوات في شركات تكنولوجيّة مختلفة، قررت اتّباع مسار مهنيّ مختلف بعد تجربة نشاط في القوس لخمس سنوات، كان لها أكبر الأثر والمعنى لي.

عندما انضممت للقوس قبل خمس سنوات، كنت أشعر ب"استقرار" مهني عالٍ في عالم التكنولوجيا، إلا أنني كنت مشغولة بهويّتي ومجتمعي وتطوير مساحات مؤثّرة فيه. منذ بداية نشاطي في القوس، بدأت ألمح خيوطًا من الأمل لنفسي ومجتمعي، تمسّكت بأطراف هذه الخيوط حتى بتُّ أراها بوضوح وأقبض عليها بقوّة، واستعدتُ من خلالها أملي بمجتمعي وبقدرتنا على خلق إمكانيات أفضل للعيش فيه. لعبت على مدار الخمس سنوات أدوارًا مختلفة في القوس، مثل مدرّبة في فريق القوس المهني للتدريبات، وعضو في مجلس إدارة القوس لمدّة أربع سنوات، وكانت جميعها فرص مهمة لي للبحث الداخلي والخارجي.

أبدأ عملي في القوس بشعور كبير من الفخر، لكنه لا يخلو من الرهبة. أشرع بدور الإدارة التنفيذيّة للمؤسسة بعد أن لعبت حنين معيكي هذا الدور لعقدين من الزمن. عندما بدأنا مسار تغيير الإدارة التنفيذيّة قبل ثلاث سنوات، كعضو في مجلس الإدارة حينها، كانت لديّ الكثير من الأسئلة، بل القلق بالأحرى، وشعرت بتشاؤم من التغيير. فخروج حنين معيكي يعني خروج خبرة هائلة ومصدر معرفة كبير يصعب استمرار العمل بدونه بذات المستوى. إلّا أن هذا التغيير كان فرصة لفحص احتياجات القوس، وخلق مباني عمل ناجعة ومتينة؛ فشرعنا في تعزيز أدوار وقدرات مختلفة بالقوس في الطاقم ومجلس الإدارة ومجموعات النشطاء، وكانت الأشهر الأخيرة فرصة لإستكشاف دوري في الحراك، مسؤوليتي الشخصية، شغفي وقدراتي في مساحة مهنية جديدة لي، زادت خلالهم فخري في القوس وثقتي في قدرتنا على إحداث التغيير.

أبدأ دوري الجديد في مرحلة فارقة للقوس على الصعيدين السياسي والاجتماعي أيضًا، حيث لا تتنحّى قضايا التعددية الجنسية والجندرية عن طاولة النقاش، وما ينتج عن ذلك من تغيير في دور القوس والتوقعات منها والمسؤوليات التي تحملها تجاه المجتمع. تدفعنا هذه التغييرات للشروع في مسار تخطيط مستقبلي يبحث بأسئلة استراتيجية مرتبطة في هذه التغييرات التنظيميّة والمجتمعيّة، لفهمها وفهم معانيها ودورنا الجديد فيها. نعي أننا لا نستطيع أن نجيب عن هذه الأسئلة بدون حوار معمّق مع قياداتنا القطريّة ومجموعاتنا المحليّة وحلفائنا، وهذه من مهامنا الرئيسيّة هذا العام.

لا يمكنني عدم الحديث عن الرهبة التي يحملها هذا التغيير بما يلقيه من مسؤولية ويسلطه من ضوء عليّ، إلا أنه في الوقت نفسه يمدّني بالكثير من الشغف والحماس والقوة. العمل في القوس يعني العمل في مؤسسة ذات أرضيّة مهنيّة وقيميّة متماسكة وتأثير مجتمعي كبير، يعني العمل في مؤسسة تقودها قاعدة صلبة من النشطاء تشاركني الهم والتفكير والعمل، يعني العمل في مؤسسة محاطة بأصدقاء وحلفاء داعمين وشراكات حقيقيّة وفاعلة، وطبعًا يعني العمل مع طاقم ومجلس إدارة ارتقوا بالمؤسسة إلى ما هي عليه اليوم.

شكرا إدارة وطاقم ونشطاء القوس على الثقة، وشكرًا حنين معيكي على الدعم اللامتناهي. فخورة بطريقنا، ومتشوقة للمرحلة القادمة من النضال.

photo