لقراءة تقرير القوس السنوي لعام 2021 كاملاً، اضغطوا هنا. وتجدونه بالإنجليزية هنا.

نضع بين أيديكنّ/م تقريرنا السنوي للعام الماضي "تغييرات تنظيميّة سياسيّة: دروس وتفاعل" والذي نستعرض فيه بالأساس: تفاعلنا مع أحداث العام الأخير العاصفة والأفكار والدروس التنظيمية المستفادة منه؛ أبرز الإنجازات والمشاريع التي طوّرناها وحقّقناها خلال العام؛ القوس في الاعلام خلال 2021؛ ونظرة عامة حول الخطّ ة الاستراتيجيّة الجديدة للقوس 2022-2026.

في عام 2021 استمرّت عجلة التغييرات سواء التنظيميّة داخل القوس أو السياسيّة والاجتماعيّة في فلسطين في الدوران سريعًا، واستمرّينا في التفاعل معها. كان أبرزها:

هبّة أيّار 2021 كحدث مركزي أثّر على عملنا وعلى مجمل المشهد السياسي والاجتماعي؛ التغييرات التي أحدثها وباء كورونا؛ سواء أكانت الظروف الاجتماعيّة أو التأثيرات النفسيّة التي خلّفها، وبالتحديد على فئات مستضعفة كما هو الحال معنا كأشخاص نعيش تجارب جنسيّة وجندريّة مختلفة؛ استمرار مسار التغيير في الإدارة التنفيذيّة للقوس؛ بناء خطّ ة استراتيجيّة جديدة للأعوام ٢٠٢٢-٢٠٢٦ تستجيب للمعطيات الجديدة في واقع قضايا التعدديّة الجنسيّة والجندريّة في فلسطين بناءً على التغييرات في المشهدين السياسي والاجتماعي.

عام الهبّة والمعادلات الجديدة

غيّرت هبّة 2021 الكثير من المعادلات ورسمت ملامح وخطوط جديدة للحاضر والمستقبل في جوانب كانت دائمًا موضع انشغال وعمل لنا في القوس. فتحت الهبّة أفقًا جديدًا من العلاقات السياسيّة والاجتماعيّة فلسطينيًا على مستويين: المستوى الأوّل هو علاقتنا كمجتمع فلسطيني مع بعضنا البعض، حيث شكّلت روحًا من الوحدة والانتماء لشعب يمرّ الظرف الاستعماري نفسه. عشنا كأشخاص ترانس ومثليين هذه الروح إلا أن اللحظات الوحدوية هذه لم تخلو من العزلة التي نعيشها نتيجة علاقات القوة الجندرية. عشنا كأشخاص كوير العنف المجتمعي بأشكاله المختلفة في الهبّة من أبناء جلدتنا، بل حتّى تأجّج العنف في لحظات معيّنة وتعززت خطابات إقصائيّة وأبويّة. أما المستوى الثاني من العلاقات التي أبرزته الهبّة هي علاقتنا مع الاستعمار وجعلها لحظة مميّزة أدرك فيها الشعب الفلسطيني اشتراكه في الظرف الاستعماري. يتّصل هذا الإدراك الجَمعي مع الإرث السياسي والتنظيمي للقوس في موضعين: الأوّل، هو عمل القوس كمؤسسة قطريّة في كلّ فلسطين منذ تأسيسها قبل عقدين، والثاني هو تحدّي سياسات الهويّة الجنسيّة والجندرية التي تقود لتجاوز علاقات القوة الاستعماريّة في مسار العمل الاجتماعي على قضايا التعدديّة الجنسيّة والجندريّة، وانطلاق عملنا من كونه مناهضًا للاستعمار.

العمل بروح الهبّة

يوجّه عملنا في القوس أهداف استراتيجيّة وخطط عمل سنويّة تتيح لنا تحقيق رؤيتنا السياسيّة، مع وعينا لتأثير أحداث سياسيّة واجتماعيّة كبيرة، مثل الهبّة الشعبيّة، بشكل كبير على الخطط ومسارات العمل. ثمّة الكثير ممّا يمكن أن نتعلّمه من الهبّة وعملنا فيها، أهمّه ضرورة التأكيد على الخطاب النسوي والكويري شعبيًا وعدم فصله عن الأحداث. لقد أثّرت الهبّة على مجمل عمل القوس، سواء على صعيد المباني التنظيميّة الداخليّة والعلاقة بين نشطاء المجموعات المحليّة والقيادة القطريّة، أو على صعيد الظهور والعمل في الإعلام والتشبيك والحوار مع المجتمع. على مستوى نشطاء القوس والكويرز في فلسطين، ظهرت الحاجة لأن نكون سوية في أوقات الهبّة الكثيفة. التقينا كنشطاء المجموعات المحليّة في شهريّ نيسان وأيّار بصورة مكثفة في القدس ورام الله وحيفا ويافا. أثمرت هذه اللقاءات في التمظهر الأكبر في واحد من أكثر أحداث القوس مركزيًّا وتأثيرًا، وهي مظاهرة صرخة كويريّة للحريّة التي نظّمناها للمرّة الثالثة على التوالي في مدينة حيفا. جاءت صرخة كويريّة للحريّة انطلاقًا من روح هبّتنا الفلسطينيّة الأخيرة، ودعت لمواجهة الإقصاء والتهميش وتأجيل قضايانا واستغلالنا من قبل الاستعمار وسياسات الغسيل الوردي. أما على مستوى العمل مع المجتمع، أزاحت الهبّة مسار معظم فعاليّات وأنشطة القوس المركزيّة لتراكم على الحوار المجتمعي والمنجَز الشعبي حولها؛ مثل فتح خطّ  الإصغاء والمعلومات شعبيًا خلال اسبوع متواصل لمشاركات حول الهبّة، وورشة رقميّة عن "تجاربنا خلال الهبة الشعبية"، وتكثيف المرافعة العالميّة المناهضة للاستعمار والغسيل الوردي، كان أكبرها من خلال ندوة رقميّة بعنوان: "مرّة السلطة ومرّة الجيش: تأملات نسويّة وكويريّة من الهبّة" شاهدها حوالي العشر ألاف شخص من على منصات التواصل الاجتماعي.

إنجازات القوس في 2021

رغم جميع التغييرات التنظيمية في القوس والسياسية عامة، والتأثير النفسي والجسدي الذي تبع الهبة الشعبية ووباء كورونا، ورغم السنة المليئة بالهجمات والعنف المجتمعي، استمرينا في العمل السياسي من ظهور ومواجهة وتفاعل وإنتاج معرفي ومرافعة سياسية ومناهضة سياسات الغسيل الوردي. كذلك انجزنا مشاريعنا الأهم التي تضع الكويرز الفلسطينيين في محور أولوياتنا والتي كان أبرزها: مشاريع رقميّة للدعم والتواصل والتعلّم استجابةً للظرف الصحّي/السياسي ( المساحة التفاعلية على الانستغرام "حياتنا الكويرية" وورشات رقمية "عن سؤال")؛ مواد ومنشورات تثقيفية ومعرفية؛ المجموعات الشبابيّة "أنا، جنسانيّتي والمجتمع"؛ المدرسة الكويرية الأولى في مجال المعرفة التحررية من منظور النشاط والمواجهة الكويرية في ظل السياق الاستعماري؛ استمرار عمل وتطوير خطّ  الإصغاء والمعلومات.

يستعرض التقرير هذه الإنجازات بتوسّع، إضافة الى نظرة عن الخطة الاستراتيجية الجديدة للقوس.

الخطة الاستراتيجيّة الجديدة للقوس 2022-2026

جاء مسار التخطيط الاستراتيجي للأعوام ال 2022 -2026 القادمة في فترة مليئة بالتغيّرات والتقلّبات التي علّمتنا الكثير من الدروس وساعدتنا على رسم أهدافنا الاستراتيجيّة انطلاقًا من عيش وفهم الظروف التي مررنا بها. تسعى الأهداف الاستراتيجيّة للقوس بالدرجة الأولى إلى توسيع إمكانيّات الحياة لنا كأشخاص نعيش تجارب جنسيّة وجندريّة مختلفة. نقصد في "توسيع إمكانيّات الحياة": تفاعلنا المستمرّ بشكل فردي وجماعي مع الواقع المعيش والظروف المحيطة في المنظومة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة الموجودين فيها. أي نلعب دورًا فعّالًا في الواقع الراهن انطلاقًا من فهمنا له، من خلال: التجمّع وكسر العزلة والتفكير والعمل كجماعة، الاشتباك مع أفكار وأيديولوجيّات مختلفة، البحث في طرق مختلفة من النضال والمواجهة.

لطالما كان توسيع إمكانيّات الحياة حاضرًا في رؤية القوس وأهدافها، إلّا أننا مع هذه الخطّ ة نمركز أكثر ونفهم أكثر معنى ومفهوم عيشنا للواقع الراهن كجماعة أو مؤسسة. تأتي رؤيتنا نحو توسيع إمكانيّات الحياة في سياق من العنف متعدد الأوجه في فلسطين، ونحو تمظهر عيشنا نضالنا وعملنا في مختلف جوانب حياتنا، مثل: صلاتنا الاجتماعيّة وعلاقاتنا، حياتنا العاطفيّة والجنسيّة، توجّهاتنا الفكريّة والأيديولوجيّة، وغيرها من التعبيرات الماديّة لنضالنا.

الأهداف الاستراتيجيّة

أولاً، تعزيز قيادات وقواعد القوس الشعبية في المشهد السياسي والاجتماعي. نسعى إلى بناء قواعد شعبية واسعة وفاعلة ومندمجة مع سياقها المحلي -في كلّ مدينة- والقطري -في كلّ فلسطين.

ثانيًا، توسيع المشهد الكويري في فلسطين. نتطلع لوجود مشهد كويري جديد ومتنوع في فلسطين يشمل مجموعات ومبادرات ومؤسسات كويرية جديدة لتحمل وتتعامل مع الحاجيات المتزايدة الذي يفرزها واقعنا العنيف والمركب في فلسطين.

ثالثًا، خلق واقع جديد مع مؤسسات المجتمع المدني والحراكات السياسيّة والاجتماعيّة في فلسطين. نطمح في الانتقال من شراكات وعلاقات عينية مع مؤسسات وحراكات مجتمعية مختلفة إلى علاقات متبادلة تستند على الالتزام السياسي والحوار الصادق وذلك بالرغم من محدوديات مؤسسات المجتمع المدني لصعوبة الظروف السياسيّة وتعقيد السياق الذي نعمل به.

لقراءة التقرير اضغطوا الصورة أدناه