يأتي هذا البحث كجزء من عمل القوس في الإنتاج المعرفيّ حول قضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ، وبالتحديد في مجال الصحّة النفسيّة والمجتمعيّة. من بين المجالات العدّة التي تعمل فيها القوس، أخذت على عاتقها الشروع في إنتاج معرفة محلّيّة من صُلب السياق الفلسطينيّ، ويشكّل هذا البحث قفزة نوعيّة في هذا المجال.
يترافق إنتاج المعرفة هذا مع عمل مستمرّ في الميدان مع أشخاص يعيشون توجّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، ومؤسّسات مجتمع مدنيّ ومجموعات مختلفة من المهنيّين والمهنيّات. فعلى صعيد دعم أشخاص مثليّين/ات وعابرات/ين وثنائيّات/ي الميل الجنسيّ وغيره من التجارب المختلفة، تقدّم القوس خدمة خطّ الإصغاء والمعلومات الذي يوفّر مساحة لمشاركة تساؤلات والحصول على معلومات حول قضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة منذ عَقد من الزمن عبر الهاتف أو موقع إلكترونيّ مخصّص.
علاوة على هذا، نفعّل مجموعات شبابيّة داعمة "أنا وجنسانيّتي والمجتمع؛ استكشاف، معرفة، تأثير" كمدخل لفهم وتأطير التجارب الجنسيّة والجندريّة المختلفة بتوجيه من مختصّات/ين وخبراء في المجموعات، وتعقَد عدّة مرّات على مدار العام في مناطق مختلفة في فلسطين. ينضاف إلى ذلك البدءُ بتنظيم ورشات دعم ومشاركة على الحيّز الرقميّ منذ هذا العام بعنوان "عن سؤال"، تتناول قضايا ملحّة ويوميّة من حياة الأشخاص الذين يعيشون توجّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة.
أمّا على صعيد المهنيّات/ين ومؤسّسات المجتمع المدنيّ المختلفة، وبالتحديد في مجال الصحّة النفسيّة والمجتمعيّة، فقد بدأت القوس منذ عام 2014 بتشكيل مجموعات مهنيّة من الأخصائيّات/ين في فلسطين وعلى وجه التحديد في مدينتَيْ رام الله وحيفا بغية توسيع دوائر معرفتهم في مواضيع التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة؛ وكان من ثمرات هذه المجموعات عَقدُ يوم دراسيّ في مدينة الناصرة حول الأبعاد الجنسيّة والجندريّة في العلاج النفسيّ، وإصدار دليل "مدخل إلى قضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة للمهنيّين في مجال الصحّة النفسيّة والمجتمعيّة".
شكّل إصدار الدليل المذكور خطوة مركزيّة في توسيع العمل في مجال الصحّة النفسيّة والمجتمعيّة، وفي إتاحة المعرفة بشأن قضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة /ين للأخصّائيين/ات والمهنيّين/ات في هذا المجال؛ حيث جرى إطلاقه في يوم دراسيّ حافل في مدينة رام الله، بالإضافة إلى حواريّات وجلسات نقاش في القدس وشفاعمرو، إضافة إلى النقاش الإعلاميّ الغنيّ والمثري حوله.
تشكّل هذه الجزئيّة بعضًا من عمل القوس المتنوّع والذي يشمل إنتاج مشاريع فنيّة وثقافيّة حول قضايا التعدّديّة الجنسيّة الجندريّة، والعمل مع الإعلام الفلسطينيّ حولها، والحملات السياسيّة المناهضة للاحتلال، وغيرها. ومن المهمّ الإشارة إلى أنّ هذا العمل بمجمله يقوم على جهود وقدرات متطوّعات وناشطين من قيادات القوس المحلّيّة والقُطريّة.
في هذا المشهد المركّب المعالم والمتعدّد الأوجه، راكمت القوس في السنوات الأخيرة معرفة عميقة وقيّمة حول قضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ، والديناميكيّات والسياسات التي تحكمها وتسيّرها، وعليه تختار إستراتيجيّاتها ومشاريعها من صُلب هذا المشهد ومن الإلمام بتفاصيله وحاجاته، وبذلك وُلِدت فكرة هذا البحث.
أدركنا، في السنوات الأخيرة، المركزيّة الكبيرة لمؤسّسة العائلة في النسيج المجتمعيّ الفلسطينيّ، وعدم القدرة على التأثير أو التقدّم في قضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة دونما فهم وتحليل دقيق لمبناها وديناميكيّاتها ودَورها، سواء أكان ذلك من خلال ناشطي القوس أو المهنيّين/ات في المجالات المختلفة، أم من خلال التواصل الشعبيّ الواسع مع الجمهور الذي يأتي كتحصيل حاصل لعمل القوس.
ومن هذه الحاجة، بدأنا سيرورة التوسّع بالمعرفة التي نمتلكها حول العائلة الفلسطينيّة وقضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة، وكان لا بدّ من أن تنطلق هذه المعرفة من أرض الواقع، وارتأينا أن يكون هذا البحث الميدانيّ واحدًا من الخطوات الأولى والأساسيّة في هذا المجال.
فريق العمل
كتابة البحث: أسرار كيّال ولويس لويس.
إعداد البحث: عمر الخطيب.
فريق البحث: تمارا ناصر وألاء عطّ ون.
مرافقة أكاديميّة: فتحي فليفل ومحمّد عبد الحليم ومصطفى شلاعطة.
لقراءة البحث كاملاً اضغطوا الصورة أدناه