إن كان فصل الصّيف هو فصل الضّجيج والحركة والرّاحة أيضًا، فهو أكثر من ذلك في القوس! فاستكمالًا للعمل المستمرّ طيلة أيّام السنة، امتلأ صيف عام 2018 تحديدًا بالكثير من الإنجازات والخطوات؛ والتي جاء بعضها استكمالًا أو تتويجًا لعملٍ سابق، أو بداية لعملٍ واعد في المستقبل.
تتراوح أنواع الإنجازات الجديرة بالاحتفال، كما تتراوح طرق عملها ومناطقها والمآلات التي تصبو إليها، إلّا أنّ المشترك بينها –دون شكّ- هو أنّها تصبّ في نهاية الامر في التغيير المجتمعي حول قضايا التعدديّة الجنسيّة والجندريّة الذي تسعى إليه القوس.
نسعد بمشاركتكم بعضًا من المحطّ ات الهامّة لهذا الصّيف، دون أن نتمكّن من الإحاطة بكلّ ما عملنا ونعمل عليه. هذه إنجازاتنا الأبرز التي كنتم جزءًا منها نعرضها لكم.
العمل في المدارس: إنهاء دورة استكمال في عبلّين
مع بداية شهر حزيران، أنهت القوس دورة استكمال للمعلّمين والتربويّين في مدرسة مار إلياس الثانويّة في عبلّين، والتي امتدّت على مدار عشرة لقاءات ابتداءً من شهر آذار.
تهدف دورات الاستكمال التي تقيمها القوس في المدارس إلى توسيع النقاش التربوي حول مواضيع التعدديّة الجنسيّة والجندريّة؛ حيث تقدّم معرفةً أساسيّةً للمعلّمين والمربّين، وتفتح المجال للتساؤلات والصعوبات التي يمرّون بها لفهمها والتعامل معها. فتنوّعت مواضيع اللقاءات ما بين مركّبات الهويّة الجنسيّة، العنف الجندري، دور المعلّم في التعامل مع العنف على خلفيّة جنسيّة وجندريّة، ومواضيع أخرى.
(مدرسة مار إلياس)
شارك في الدّورة عشرون معلّمًا ومربّيًا، قام كلّ منهم في نهاية الدّورة بتطبيق فعاليّة أو نشاط يتعلّق بقضايا التعدديّة الجنسيّة والجندريّة مع طلبته، كجزء من متطلّبات استكمال الدورة، وتعدّدت الفعاليّات بين تلك التي تستشكف مواقف الطلبة حول موضوع الهويّة الجنسيّة، أو التعرّف على التعريفات والمصطلحات المختلفة، أو قضيّة الأدوار الجندريّة.
وقد ساعدت هذه التطبيقات العمليّة على خوض المعلّمين والتربويّين المشاركين في تأمّل ذاتي، للتعرّف على المواقف الشخصيّة لكلٍ منهم، وأثرها على أدوارهم التربويّة، إضافة إلى استكشاف النقاشات والتحدّيات بين المجموعات المختلفة من الطلبة.
حواريّات نقاش لدليل الصحّة النفسيّة والمجتمعيّة
بعد إصدار كتيّب "مدخل إلى قضايا التعددية الجنسية والجندرية للمهنيين في مجال الصحة النفسية والمجتمعية" الأوّل من نوعه في اللغة العربيّة، كان لا بدّ من توسيع النقاش حول المعرفة المتضمّنة به، والتعمّق في موضوعه بشكل نقدي ومهني.
لتحقيق هذا الهدف، نظّمت القوس خلال شهر تمّوز ثلاثة لقاءات للنقاش حول الدليل، الأوّل كان في مدينة رام الله، والثاني في القدس، أما الثالث فكان في مدينة شفا عمرو؛ حضرهم عشرات الأخصّائيين والتربويين والعاملين في المجتمع المدني.
(حوارية القدس)
وتنوّعت مواضيع النقاشات في اللقاءات الثلاث، حيث أدار اللقاء في رام الله مدير مركز المصادر للصحّة النفسيّة في جمعيّة الهلال الأحمر الفلسطيني فتحي فليفل والمرشدة النفسيّة فداء عليّان، أمّا في القدس فقد قدّمت الأخصائية النفسية الإكلينيكية يعاد غنادري- حكيم - رئيسة رابطة السيكولوجيين العرب مداخلة بعنوان "ذات المعالج/ة والملتقى مع مواضيع التعددية الجنسية والجندرية في التدخل النفسي"، وفي شفاعمرو تخللت الأمسية مداخلات للأخصائية النفسية التطورية حنان خميس – زعبي والأخصائي النفسي طوني حداد، حيث جاء اللقاءين الأخيرين بالتعاون مع رابطة السيكولوجيين العرب.
(حوارية شفا عمرو)
نتجت على ضوء هذه الحواريات الكثير من النقاشات الهامة حول دور الأخصائيين الشخصي، العلاقة بين المعالج والمنتفع، وقضايا متعدّدة أخرى، ما يضع القوس في السنوات القادمة أمام مسؤوليّة إنتاج المعرفة وتعزيز الشراكات مع مؤسسات ذات صلة في مناطق فلسطين المختلفة.
"في العنف": إنهاء المخيّم الأكاديمي الثالث
ما أنّ ودّعنا حزيران بكثيرٍ من الإنجازات والنجاحات، عقدت القوس مع بداية شهر آب المخيّم الأكاديمي الثالث للتعددية الجنسيّة والجندريّة، بعد تنظيم كل من الأوّل والثاني في عاميّ 2014 و2016 على التوالي.
وكان من الجليّ التطوّر في مستوى المخيّم الأكاديمي للقوس خلال السنوات الأخيرة، وذلك سواء على المستوى المعرفي والأكاديمي أو التنظيمي ، ما أفضى إلى ثلاثة أيّام مثمرات وممتلئات بالنقاشات الجادّة والمتقدّمة، التي اتّخذت من العنف والسياسات الجنسيّة والجندريّة في السياق الاستعماري موضوعًا لها.
(مداخلة من اليوم الثاني للمخيم)
وقدّم المداخلات مجموعة من الباحثين والأكاديميّين من جامعات مختلفة في فلسطين وخارجها، إضافة إلى نشطاء في حراكات ومجموعات متنوّعة حول فلسطين. أمّا المشاركين الذين وصل عددهم إلى ثلاثين شخصًا، فتنوّعت خلفيّاتهم المهنيّة ما بين طلبة، ومصمّمين، وعاملين اجتماعيين، وغيره.
واستكمالًا للمخيّم، وكما جرت العادة في المخيمات السابقة، أطلقت القوس دعوة عامّة للمشاركة في مقالات حول الموضوع نفسه، يتمّ نشرها العام القادم ضمن إصدار معرفي خاصّ.
"ترويحة": قصصنا في المدرسة
لأنّ القوس حريصة لأنْ يكون للفتيان والمراهقين أيضًا مساحة ضمن مشارعها الثاقفيّة، وبهدف توسيع النقاش التربوي الذي يخصّ قضايا التعددية الجسيّة والجندريّة في المدارس، أطلقت القوس مطلع الصّيف سلسلة الكوميكس "ترويحة"، التي تتناول تجارب طلبة مدارس يعيشون توجّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة.
(مقتطفات من ترويحة)
تناولت حلقات ترويحة، التي ستستمرّ حتّى منتصف الخريف، مواضيعًا مختلفة، مثل العنف في المدرسة، والعلاقة مع الأهل، والعلاقة مع المدرّسين وغيرها. وتلقى ترويحة حتّى الآن تفاعلًا كبيرًا ما يدلّ على التعطّ ش للخوض في هذه المضامين، خاصّة للفئات العمريّة المذكورة.
للإطلاع على موقع ترويحة: http://alqaws.org/tarwiha/
"غنّي عن التعريف": القوس تغنّي من جديد
بعد أربع سنوات من إطلاق الألبوم الغنائي الأوّل للقوس "غنّي عن التعريف"، أصدرت القوس هذا الصّيف أغنيّتين جديدتين تطرحان مواضيعًا لها علاقة بالتعددية الجنسيّة والجندريّة.
"القصّة هيّ هيّي" للفنانة يسر من رام الله، و"ما بتغيّرني" للفنان بشار مراد من القدس، كانتا باكورة إصدارات غنّي عن التعريف الجديدة التي ستستمرّ حتّى نهاية العام، والأجدر بنا بدل الحديث عنهما سماعهما بحب وحماس:
إنهاء دورة متطوّعين للخط: معكم عطول الخط!
"خطّ الإصغاء والمعلومات" من أقدم المشاريع في القوس وأكثرا أهميّة. عبر سنوات توجّه للخط الآلاف من المتوجّهات/ين للمشاركة أو طلب المعلومات حول قضايا التعدديّة الجنسيّة والجندريّة. خلف هذا الإنجاز الكبير، يجلس عدد من الجنود المجهولين خلف أجهزة الحاسوب أو الهاتف لتلقّي التوجّهات، إنهم متطوّعو الخط!
(شعار الخط)
ليس غريبًا بالتالي إنهاء القوس للدورة الثامنة لتأهيل متطوّعي الخط، ليباشروا فورًا بالتطوّع في المشروع مع بداية أيلول، حيث يتمّ دمجهم في المشروع بشكل تدريجي، تحت مسؤوليّة وإشراف المتطوّعين القدامى، وبذلك تكون عمليّة التعلّم مستمرّة ولا تنتهي بانتهاء الدورة.
على مدار اثني عشر لقاء، وفي مدينة يافا، حاولت الدورة تطوير مهارات الإصغاء والتواصل للمشاركين، إضافة إلى التجهيز على آليات المسار الموازي ما بين المتطوّع والمتوجّهين، كون اعتماد الخطّ على مبدأ دعم الأقران، فلا يمكن فصل تجارب المتطوّع عن عمليّة الإصغاء وتوجيه المعلومات للمتوجّه.