وهم؟ لم تعد الأوهام تعنيني، فهي كالأحلام باتت تحتل القسم النائم في نفسي المضطربة..
أرتب غرفتي الصغيرة في “فلورنتين”، جامعاً الكؤوس الفارغة ثم أمسح عن وجهي طرق الدموع المصبوغة كحلاً، أتجمل وأتجاهل، أضع أغلى ما أملك على أرخص ما أملك منطلقاً لأبحث عن الرابع لهذا الأسبوع..
طريقي المعتادة ومكاني الشخصي الآمن، أنتظر شخصاً لا أعرفه لكي أدعه يعرفني في أقذر وضعياتي، تركت الأفكار في طفولة لم تنتهِ وأعيش من أجل الحبّ؛ من أجل حبهم جميعاً.
..
250 شيكلاً لليلة كاملة، فيها أعمل كل ما تشاء
لا وجه له، كلهم من دون ملامح- فهي لا تهمني. تعلمت أن الحب هو الشهوة والاشتهاء وأعرف أنه يشتهيني، كلهم بذات القدر فهم يدفعون السعر نفسه. لا أجادله ولا نتحدّث فالكلام لا يعنيني. كلهم أناس لا يتكلمون لغتي، أنا لا أتكلم لغتي؛ جسدي يأخذ عني كلّ هموم التعبير، فلست بحاجة إلى تحويل الأفكار إلى لغة أخرى. لا ترجمة، لا كلام.. إشتهيني وحسب.. وأشبع نقصي الدائم للحب.
أقلم أظفاره لأرجع عذريتي التي أفقدها كلّ ليلة من جديد. أمحو الدقائق لدورة أخرى من انتهاك النفس وإسكات النَفَس. رأسي على صدره أستمع لخفقات قلبه، مجاملاته وتغزله يتحوّلان إلى ذلك السكوت الرائع في الحب. الأحلام تنسج لي قصة من روايات نيكولاس سباركس.. فأنتظره لينهض من سباته هو الآخر. لست الضحية؛ أيره لا يؤذيني فعندي الأحلام تحميني. لا أير بل نرجسية ساذجة وطرق تعلمتها في حصص علم النفس أواجه بها نقصي الدائم للحب.
تمرّ الساعات والأحلام لا ترحل عني، هو لا يتركني، لذلك أحب هذا الوهم.
قطعت وعداً بأن لا أراهم يرحلون، فيخرجون دائماً حين لا أكون، أتعبتني الأحلام ويتعبني أكثر التفكير بالآتي. صوت الماء يغتصب الدموع وجسدي يطهر نفسه من خطاياه. أتعمد كل صباح لأمحو ظلمه، لأشتت الذكريات التي خلّفها وراءه، رائحته، كيانه، عذريتي التي فقدتها معه، والحقيقة المُرّة بأنني لم ولن أقلم أظفاره أبدًا. هو ذلك الرجل، ذلك الحب، هو الجسد الذي صلب ليفدي عادات وتقاليد ومجتمع جاهل. ذهب ولم يخلّف وراءه سوى النبيذ لأقدّس به حياة لم تعُد بإمكانها أن تكون: لا رجل، بل رجال يحاولون إشباع نقصي الدائم لحبه.
ألملم أظفاره وأجمعها في ذات العلبة، أجمع الكؤوس وأنظف المقالي السوداء.
أنا لا أعيش وهماً بل أدع الأحلام تعيشني أحياناً.