إحدى المقولات والأفكار المتداولة حول المثليّين في فلسطين هي أنّهم عملاء للصهيونيّة، أو أنّ المثليّة ظاهرة مستورَدة من الغرب. تعمل هذه الأفكار على تصوير المثليّة وكأنّها "ظاهرة" معادية للمجتمع وبعيدة مكانيًّا وفكريًّا وسياسيًّا عن سياقنا الفلسطينيّ. بَيْدَ أنّ للمثليّة وجودًا في فلسطين منذ القِدَم (انظر السؤال 1)، وقام الناشطون المثليّون بطرح القضايا الجنسانيّة منذ بدايات القرن الحاليّ، وفهمها في سياق المجتمع الفلسطينيّ وعلاقته بالاستعمار. بغية دحض هذه الخرافات، من المهمّ التعرّف على سياقها التاريخيّ وكيفيّة تَعزُّز هذه الفكرة ضدّ المثليّين في العقود الأخيرة؛ فلقد عملت الأجهزة الإسرائيليّة -على نحوٍ مكثَّف منذ الانتفاضة الأولى- على خلق أفكار دخيلة تُصوّرُ المثليَّ الفلسطينيّ عدوَّ مجتمعه من خلال إجراءات الإسقاط الأمنيّ والابتزاز ضدّ أيّ شخص يمارس سلوكيّات أو أسلوب حياة قد يناقض منظومة الأخلاقيّات الاجتماعيّة (علاقات مثليّة؛ علاقة جنسيّة خارج إطار الزواج؛ شرب الكحول؛ تَعاطي المخدّرات...).
استخدام منظومة الأخلاقيّات هذه ضدّ التنظيمات الفلسطينيّة في تلك الفترة دفعها إلى تبنّي الشعار "الإسقاط الأخلاقيّ هو الإسقاط الأمنيّ" ومحاربتها داخليًّا. كان هذا كافيًا لتعزيز هذه الأفكار في عقول الشعب الفلسطينيّ لاحقًا وكأنّها قيم متأصّلة في ثقافته، وكانت هذه بداية ربط المثليّة الجنسيّة بالعمالة والإسقاط بصورة جارفة ووَصْم أيّ شخص لا يعمل وَفق منظومة الأخلاقيّات الاجتماعيّة بأنّه خطر وتهديد يجب إقصاؤه عن المجتمع. تخدم هذه الخرافات أهدافًا استعماريّة تسعى لوضع المجتمع الفلسطينيّ في خانة "المتخلّف" ووضع الاستعمار والغرب في خانة "المتنوّر". إلّا أنّ الناشطين المثليّين يتصدَّوْن لهذه المحاولات من خلال استحضار التاريخ وإعادة القضايا الاجتماعيّة (ومن بينها تلك الجنسانيّة) إلى صُلب النضال السياسيّ ضدّ الاستعمار كجزء لا يتجزّأ من الخطاب المجتمعيّ الفلسطينيّ.