الاختلاف والتنوّع جنسيًّا وجندريًّا ليسا مبرِّرًا للعنف بأيّ شكل من الأشكال. التهميش والإقصاء والتعنيف ضدّ أيّ شخص يعيش توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة (مثليّين ومثليّات؛ متحوّلين ومتحوّلات؛ بايسكشوال؛ تعريفات وهُويّات وسلوكيّات مختلفة أخرى) عمّا قرّر المجتمع أنّه "مقبول" وَ "معياريّ"، كلّ هذا فعلٌ يجب أن نقوم نحن كمجتمع بردعه. العنف بسبب تعابيري الجسديّة، وشكلي، وهُويّتي الجنسيّة، وميولي، وتفضيلاتي، واختياراتي الجنسيّة والجندريّة، أمرٌ مرفوض رفضًا تامًّا.
الاختلاف والتنوّع جنسيًّا وجندريًّا ليسا مبرّرًا للعنف أو الخلاف، بل إنّ العنف المجتمعيّ ضدّ مَن يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة يجب أن يكون السببَ الرئيسيَّ لخلافنا.
ومن هنا جاء شعار حملتنا: "#ما_اختلفناش: نحو مجتمع يرفض العنف ويحترم الاختلاف".
عن الحملة:
الحملة تطرح أشكالًا مختلفة من العنف المجتمعيّ الذي يمارَس ضدّ مَن يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وذلك من خلال ثلاثة فيديوهات وملصقات مكمّلة:
الفيديو الأوّل يعرض رزمة من الخرافات والتنميط تعمل بواسطة طريقتين: الأولى هي نزع الشرعيّة الاجتماعيّة عن وجود أشخاص يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وتحميلهم مسؤوليّة ميولهم وهُويّاتهم ورغباتهم المختلفة (قّوة الإرادة؛ الاختيار الشخصيّ...)، وبالتالي شَرْعَنةُ العنف ضدّهم. والثانية هي الخرافات التي تعمل على شَيْطَنة المثليّين والمتحوّلين وتخويف المجتمع منهم، كمثل مقولات على غرار: "ينقلون الأمراض ويقطعون النسل"؛ "متحرّشين"؛ المقولة المحلّيّة التي مُفادُها أنّ المثليّين "ساقطون وعملاء للاحتلال". لا أساس علميًّا إطلاقًا لأيّ من هذه الخرافات، وإنّما هدفها الوحيد هو إقصاءُ وتهميشُ مَن يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وشَرْعَنةُ العنف ضدّهم.
الفيديو الثاني يعرض أشكال العنف المختلفة داخل المدارس وعائلاتنا، وفي الحيّز العامّ؛ فهو يتطرّق إلى بعض أشكال العنف التي تحدث على نحوٍ مستمرّ ويوميّ ضدّ المثليّين والمتحوّلين في شتّى الـمَرافق الحياتيّة، بدءًا من التعنيف في الشارع، والعنف اللفظيّ، والعزلة الاجتماعيّة، وعدم الثقة حتّى في أكثر الناس المقرّبين إليك، وعدم القدرة على المشاركة في حياتك اليوميّة مع أشخاص تحبّهم ويحبّونك، وكلّ الجوّ المجتمعيّ والثقافة العامّة التي تعلّم على التعنيف على نحوٍ مستمرّ كلَّ ما هو مختلف، ولا سيّما المثليّين والمتحوّلين. كان باستطاعتنا في هذا الفيديو عرض بعض القصص التي سمعناها من أصدقاء وناشطي القوس، وهذا لا يعني أنّ هذه القصص والتجارب تعبّر عن جميع آليّات العنف والإقصاء المجتمعيّ ضدّ المثليّين والمتحوّلين التي قد تبلغ حدّ الضرب والإرغام على الزواج، والنبذ المجتمعيّ وآليّات إقصاء مؤلمة أخرى.
يركّز الفيديو الثالث حول العنف اللفظيّ وتسليط الضوء على قاموسنا السيّئ حول هذه المواضيع، ومقادير العنف والإقصاء التي نمارسها من خلال تسميات ونكات وألفاظ وعبارات نتداولها في المعتاد باستهزاء وتهكُّم، والتي أصبح استعمالها فيما بعد عامًّا لوصف كلّ ما نكرهه أو نخافه في المجتمع. هذه الألفاظ والتسميات غالبًا يسمعها المثليّون والمتحوّلون من حولك كحجارة قاسية، وتؤثّر عليهم تأثيرًا مباشرًا وتكون -في المعتاد- المؤشّرَ الأوّل للعنف الذي ينتظرهم.
لا تأتي هذه الحملة لتصوير أشخاص يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة كضحايا، ليس لديهم قوّة ووكالة وفكر وطاقة للتغيير، وإنّما لتخاطب المجتمع وتفكّك تأثير هذا العنف على تجارب عدد كبير من أفراد مجتمعنا. استمرار هذا العنف وتَـماهينا معه، أو الوقوف ضدّه، هو مسؤوليّة جماعيّة.
التغيير المجتمعيّ في كيفيّة التفكير والتعاطي مع هذه المواضيع -ولا سيّما أنّها حسّاسة اجتماعيًّا ودينيًّا وسياسيًّا- هي طريق طويلة. ما اختلفناش. ولكن لنبدأ الآن بوقف العنف في مدارسنا، وعائلاتنا، وشوارعنا، ومؤسّساتنا وأحزابنا وحراكاتنا المختلفة، وفي التوازي نبدأ في مناقشةٍ بنّاءة حول هذه المفاهيم، وضرورتها وكذلك حسّاسيّتها الاجتماعيّة وتأثيرها علينا كأفراد وكمجتمع يعمل على مناهضة أشكال مختلفة من العنف تُـمارَس ضدّه على نحوٍ يوميّ على مدار ما يربو على 70 عامًا.
أهداف الحملة:
هدف حملتنا هو طرح مواضيع التعدُّديّة الجنسيّة والجندريّة، وإثارة نقاش حولها داخل المجتمع الفلسطينيّ عن طريق التركيز على وجود هُويّات وتوجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة في فلسطين، على نحوٍ مباشر وإيجابيّ. نطمح من خلال هذه الحملة الأولى من نوعها إلى الإسهام في دمج مثل هذه القضايا ضمن تيّار الطروح السائدة في المجتمع الفلسطينيّ، وإلى إشراك مختلف فئات المجتمع في حِوار مسؤول وشموليّ حولها.
من خلال موادّ حملَتِنا، نحاول تعريف وتفكيك الصور المختلفة للعنف المجتمعيّ الذي يمارَس ضدّ مَن يعيشون توجُّهات وهُويّات جنسيّة وجندريّة مختلفة في فلسطين، بدءًا بآراء مسبقة وخرافات يتداولها المجتمع على أنّها حقائق، مرورًا بأشكال العنف المباشرة وغير المباشرة التي تمارَس على نحوٍ يوميّ ومستمرّ في شتّى الـمَرافق الحياتيّة، وانتهاءً باللغة والمصطلحات السلطويّة التي يستخدمها المجتمع للتحدُّث عن هذه المواضيع كأداة إضافيّة للقمع والتعنيف.
وعلى نحوِ ما ورد في بداية هذا النصّ، رسالتنا هي رفض العنف المجتمعيّ تجاه مَن يعيشون هُويّات وتوجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وحثّ المجتمع على تقبُّل الاختلاف والتنوُّع الجنسيّ والجندريّ في المجتمع الفلسطينيّ.
مشوار الحملة:
على مدار عام كامل، عمل على هذه الحملة فريق من ناشطي القوس ومؤسّسة حملة، ومهنيّون في مجال الحملات الاجتماعيّة. لعلّ أكثر الأسئلة التي رافقتْنا منذ بداية مسيرة العمل على هذه الحملة هو: من أين نبدأ الحديث عن هذه المواضيع (ولا سيّما أنّها الحملة الأولى من نوعها) وهنالك الكثير من الجوانب التي يجب أن نطرحها للنقاش وللتعامل مع هذه المواضيع تعاملًا شموليًّا؟ والسؤال الثاني الذي رافقَنا كان: كيف يمكننا أن نطرح مواضيع مركّبة وحسّاسة اجتماعيًّا ودينيًّا وسياسيًّا من خلال حملة إعلام اجتماعيّ من المفروض أن تحمل رسالة قصيرة ومباشرة؟
قرّرنا، بعد نقاشات عديدة، أنّ الأولويّة في هذه الحملة هي التطرُّق إلى العنف المجتمعيّ الذي يمارَس على أجساد أشخاص يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، والبدء في تبنّي مقولة أنّ هذا العنف -كما هو الشأن في أشكال أخرى من العنف- لا ينبغي أن تكون له شرعيّة اجتماعيّة واسعة كمثل تلك الشرعيّة القائمة حول العنف ضدّ المثليّين/ات والمتحوّلين/ت. بعدئذٍ قرّرنا أنّه من المناسب أكثر التطرُّقَ إلى أشكال العنف اليوميّة التي تؤثّر على نحوٍ مستمرّ ومركّب على المثليّين والمتحوّلين وأشخاص يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وتصقل تجاربهم التي قد طبعناها كمثليّين ومتحوّلين في حياتنا لكثرة وتيرتها وحدوثها.
لاختيار المضامين، قمنا بطرح أسئلة على أكثر من 50 شخصًا من شتّى أنحاء فلسطين من المثليّين والمثليّات والمتحوّلين والمتحوّلات عن تجاربهم وقصصهم مع العنف المجتمعيّ الممارَس ضدّهم. من هذه الموادّ الخام قمنا بتحضير تيمات قسمناها على ثلاثة فيديوهات قصيرة (فيديوهان اثنان من خلال حِوار بين ناشطين، وثالث على هيئة رسوم متحركّة) تعرض أشكالًا مختلفة من العنف. بعدذاك قمنا بعرض النصوص وفيديوهات أوّليّة على أربع مجموعات بؤريّة من القدس والناصرة ورام الله، ابتغاءَ فحص وضوح الرسالة وهدف الحملة التي على أساسها قمنا بتعديل النصوص النهائيّة والمنتوج الأخير.
الفيديوهات الثلاثة تحمل معلومات كثيرة عن مواضيع مركّبة، وهي دعوة إلى التفكير في هذه القضايا بطريقة جديدة بها نضع أشخاصًا يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة وتجاربهم في المركز، ونتساءل كمجتمع عن دَوْرنا في تعزيز هذا العنف، والأهمّ مسؤوليّتنا في إنهائه، وفي موازاة ذلك يُشْرَع في إجراء نقاشات مجتمعيّ مسؤول عن هذه المواضيع، بها نتداول الصعوباتِ والتحدّيات الاجتماعيّة في التعامل مع هذه القضايا، وطرْحَ طرق وإستراتيجيّات تنتقل بنا إلى مجتمع شموليّ وحاوٍ للاختلاف والتنوّع على شتّى أشكاله -ومنه الاختلاف والتنوُّع جنسيًّا وجندريًّا.
المؤسّسات الشريكة:
القوس للتعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ
القوس للتعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ هي مجموعة من الناشطات والناشطين من المِثْليّات، والمِثْليّين، وثنائيّي الميول الجنسيّة، ومتحوّلي النوع الاجتماعيّ، والمتسائلين، وأشخاص يعيشون توجّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وأصدقائهم. تعمل القوس منذ عام 2001 (وفي صيغتها الحاليّة كجمعيّة مسجّلة منذ العام 2008) مع أشخاص يعيشون توجُّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وذلك عن طريق تقديم الدعم والاستشارة وبناء مجموعات ناشطة وفاعلة لتغيير واقعها؛ كما تركّز على العمل المجتمعيّ عن طريق توفير مساحات لفتح حِوار مجتمعيّ مسؤول حول الأنظمة القمعيّة المختلفة والعنف الممارَس ضدّ المثليّين والمتحوّلين وأشخاص يعيشون توجُّهات وممارسات وهُويّات جنسيّة وجندريّة مختلفة في فلسطين.
حملة - المركز العربيّ لتطوير الإعلام الاجتماعيّ
هي مؤسّسة أهليّة غير ربحيّة تهدف إلى تمكين المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ والعربيّ من المناصَرة الرقْميّة، وذلك ببناء القدرات المهنيّة والدفاع عن الحقوق الرقْميّة وبناء الحملات الإعلاميّة المؤثّرة. لذا، يركّز مركز "حملة" مشاريعه ومبادراته في ثلاثة مجالات أساسيّة:
- التدريب: تدريب مؤسّسات أهليّة وحراكات شبابيّة وشعبيّة وناشطين في جميع أنحاء فلسطين، حول مهارات الإعلام الجديد، بناء الحملات، وتحسين الحضور الرقْميّ.
- المرافعة: منتديات وإصدارات وائتلافات من أجل حماية الحقوق الرقْميّة كحقوق إنسان، وبالأساس الحقّ في مناليّة الإنترنت، والأمان الرقْميّ، وحرّيّة التعبير والتنظُّم في الشبكات الرقْميّة.
- الحملات: تخطيط وإدارة حملات مناصَرة وتوعية لمؤسّسات وأُطُر أهليّة، حول قضايا مختلفة.
تمّ المشروع بدعم من المؤسّسة الأورو - متوسّطيّة لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان.